facebook

السبت، 5 نوفمبر 2016
3:49:00 ص

رحيل الشيخ عطا الله في حادث مرور أليم

الشيخ عطا الله
الشيخ عطا الله



لقي الفنان المعروف "أحمد بن بوزيد" المكنّى "الشيخ عطا الله"، عصر الأربعاء، 

حتفه في حادث مرور أليم بغرداية، بعد مسار مميّز لرجل سخر من الراهنية 

الجزائرية ونقل صخب هذه السخرية تحت قبة الغرفة التشريعية السفلى.

استنادا إلى إفادات توافرت فإنّ "عطا الله" كان على متن سيارة أجرة، هذه الأخيرة 

اصطدمت بمركبة رباعية الدفع على مستوى محور القرارة – غرداية، وتسبّب 

الحادث في مصرع البرلماني السابق فضلا عن ثلاثة أشخاص آخرين، وجرى نقل 

جثامين الضحايا الأربع إلى مصلحة حفظ الجثث بمستشفى زلفانة التابع لعاصمة 

ميزاب، فيما بدأت مصالح الدرك تحقيقا لتحديد ملابسات المأساة.

وكان "عطا الله" (46 سنة) انتخب نائبا برلمانيا عن ولاية الجلفة إثر تشريعيات 
السابع عشر ماي 2007، واستمرّ عهدة واحدة فحسب، كما اشتغل كمنشط إذاعي 
وشارك في العديد من المسرحيات والحصص التلفزيونية على غرار "المنشار" 
و"أحوال وأقوال"، بالإضافة إلى تنشيطه لبرنامج "خيمة عطا الله" التي استوعبت 
ثلة من الفنانين، وما يربو عن ستين شاعرا جاءوا من مختلف ولايات القطر 
الجزائري برسم شهر رمضان الأخير على قناة الشروق العامة.
وكان مبرمجا أن يشارك المرحوم في احتفالية شعبية في دولة الإمارات مطلع 
ديسمبر الداخل، إلاّ أنّ القدر أراد غير ذلك.
 الفقيد في سطور  
ولد أحمد بن بوزيد المدعو "الشيخ عطا الله زين الطلة" في 31 ديسمبر 1970 
بالإدريسية والتي كانت تسمى "زنينة" بمنطقة ريفية تسمى ديار محاد بن بوزيد 
بعين الحجر بلدية الادريسية في ولاية الجلفة.
تلقى الراحل تعليمه الابتدائي ثم انتقل إلى الإدريسية أين حفظ القرآن الكريم على يد 
الشيخ "ابراهيم شويحات" رحمه الله، ليُكمل دراسته بمتوسطة طاهري عبد القادر 
ظهرت اولى بوادره الفنية حيث كانت له بعض اللمسات المسرحية مما جعله مثار و 
إعجاب أساتذته وزملائه لينتقل بعدها إلى الثانوية أين أسّس رفقة مجموعة من 
الزملاء أول فرقة مسرحية كانت لها عروض مميزة ليواصل رحلته لينتقل إلى 
عاصمة الهضاب الجلفة حيث التحق بمدرسة الكونغ فو وو شو الرياضة القتالية 
المفضلة له والتي حاز منها على الحزام الأسود درجة أولى على يد الأستاذ "محمد 
عثماني".
وهنا ظهرت الازدواجية الإبداعية لدى الشيخ عطا الله حيث زاوج بين الفن والرياضة 
قدم للأطفال الكثير وأدخل البهجة إلى قلوب الآلاف من أطفال المدارس كما له كتابات 
في أدب الطفل، وليواصل الشيخ عطا الله رحلته العصامية تجاه العاصمة في عام 
1992 ليعمل منشطا إذاعيا لدى القناة الثالثة الفرنسية وعند تردي الأوضاع الأمنية 
عاد ليشغل منصب مدير دار الشباب كما عرضت عليه عدة مناصب إدارية استقال 
منها الواحدة تلوى الأخرى لأنه كما كان يقول دائما إنّ "الوظيفة هي سجن الفنان".
ولاحتكاكه الكبير بالطبقات المحرومة وإحساسه بمعاناتها، أخرج إلى الوجود فنا لم 
يكن معروفا من قبل، إنه فن "المونولوغ السمعي" التي كانت له فيه عدة أشرطة 
يعرفها الجمهور الواسع والعريض للفنان (الدشرة-جلول-السكنات-العوج واللوج-
الرشوة-الدعم الفلاحي- رسالة إلى الوالي –الحراقة- التشريعيات-غزة-......الخ).
بالموازاة، كان المرحوم ينشّط الحصة الفكاهية التربوية الفهامة من إخراج الأستاذ 
"محمد صحراوي" التي لاقت رواجا كبيرا لمدة خمسة سنوات، وأطّل علينا 
بالمسلسل التلفزيوني "ازرع ينبت" و"عمارة الحاج لخضر" وفيلم "التلغرام"، قبل 
أن يُنتخب نائبا في المجلس الشعبي الوطني قبل أربع سنوات. 
وفي الثامن عشر جانفي 2016 انتخب "عطا الله" أمينا عاما لنقابة الفنانين في 
أعقاب الملتقى الوطني الذي احتضنته الجلفة. 

السخرية من الفهامة إلى البرلمان 
ظلّ "عطا الله" يوصف على أنّه من "أغرب" الشخصيات التي دخلت البرلمان، فبعد 
سنوات أنفقها في حصة "الفهامة" الشهيرة، وتحوّله إلى "نجم" خاض بأسلوبه 
الساخر والفكاهي في ركام المشاكل الاجتماعية والسياسية، دخل الغرفة التشريعية 
كنائب حرّ بمسلكين متناقضين، ونقل معه صراعا فنيا سياسيا في مساجلاته المحتدمة 
مع الوزراء بينهم "عمارة بن يونس".
واللافت إنّ حملة "عطا الله" التي أوصلته إلى البرلمان، لم تقم قبل تسع سنوات على 
الشعارات الرنانة، بل اتخذ لها الفقيد عبارة بسيطة موحية  "عايشين خسارة 
ومترشحين زكارة وما ينفع غير الصح".

"نائم في البرمة"
في حملته المذكورة، حرص الراحل على توزيع الحلوى في كل مكان، واختلط بالقاعدة الجماهيرية، لكن المثير للانتباه، أنّ "عطا الله" الذي حمل في محفظته البرلمانية شكاوى أهل بلدته ووعدهم بتحقيق أمانيهم سياسيا وفنيا، انتقد لاحقا ما سماها "يوميات نائب من الأرياف" عبر ألبوم وسمه "تشريفات" تضمّن أغنية "نائم في البرمة" على وزن "نائب في البرلمان"، وأقدم فيه الفقيد على انتقاد "بن بوزيد البرلماني" من لدن "بن بوزيد الفنان" بأسلوب ساخر كرّس فيه انتقاد الذات. 
ويعدّ "الشيخ عطاء الله" من شعراء الملحون، حيث كان مبدعا متفردا لقصائد مستوحاة من التراث الشعبي ومقلدا كبيرا للأصوات، حيث قلد الكثير من المطربين في المشرق والمغرب. 
من أقواله: "مللنا حياة المدينة وضوضائها ونريد العودة إلى الأصالة، إلى الخيمة، إلى نقاء الريف وأهله الذي يمثل الجزائر العميقة، وأصالتها". 
رحم الله الفقيد وألهم ذويه الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون.  
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق